الفن أنواع وأشكال لكل شكل معنى ومغزى.. ولكل فنان أدواته التي يخرج بها مشاعره ويعبر عنها ويوصلها للجمهور باختلاف أنواعه وانتماءاته فالرسام يستخدم ريشته والموسيقي يستخدم آلته الموسيقية والمطرب يستخدم صوته والخطاط يستخدم خطه إلى غير ذلك من أنواع الفنون المختلفة والمتنوعة إلا أن "محمد عبد البر" فنان مختلف في فنه؛ فقد ابتكر فنا جديدا يعتبر أول من أبدع فيه، ويعد رائدا في هذا المجال بدون استثناء.
فـ"محمد عبر البر" حلواني يقوم بصنع الحلويات الشرقية والغربية بكل أشكالها وأنواعها المعروفة، ويقدم لرواد النادي السوري والذي يرأس قسم الحلويات به أشكالا متنوعة ووجبات لذيذة من الحلويات يوميا..
لم يكتف "عبد البر" بصنع الحلويات؛ بل استخدام الحلويات في صنع أشكال أخرى متنوعة يعبر بها عن إحساسه تجاه نفسه ومجتمعه فقد صنع مدفعا ودبابة أثناء حرب العراق رمز بهما إلى الحرب، وتمنى أن تصبح هذه الدبابة حقيقية ليقودها ويدافع بها عن شعب العراق، وصنع شكلا للمسجد الأقصى متمنيا أن يذهب إليه يوما بعد أن يتحرر، ليس هذا فقط بل صنع مدفع السحور في رمضان وفانوس رمضان وخروف العيد وحديقة حيوانات وغيرها من الأشكال الفنية المختلفة.
البداية.. حلواني
يقول محمد عبد البر: لقد جئت من المنوفية في عام 1980 أنا وأخي لنعمل مع مجموعة من الأصدقاء في فندق فلسطين بالإسكندرية، واتجهنا إلى المطبخ وبالذات قسم الحلويات؛ لأن لدينا فكرة عنه إلى حد كبير، ولكني أحببت المهنة جدا، وتمكنت منها بسرعة وعملت في عدة أندية وفنادق متنوعة حتى جئت للنادي السوري في عام 1986، وتدرجت فيه في قسم الحلويات حتى أصبحت مسئولا عنه، ومن حبي للمهنة كنت أقوم باستغلال وقت فراغي في عمل شيء مختلف من التورتات والحلويات، وخاصة أن العمل في نادٍ يختلف عن العمل بالفنادق؛ لأني في الفنادق لا يمكن أن أقدم شيئا مختلفا عن المطلوب، بينما في النادي وخاصة مع مجلس إدارة متفهم يسعدون دائما بكل جديد أقدمه بل على العكس كنت أجد تقديرا وثناء بل مكافآت أحيانا، مما شجعني على الاستمرار.
وكنت دائما أفاجئهم بالجديد في الشكل الذي أقدمه إلى أن جاء عيد ميلاد ابنة عضوة من مجلس الإدارة، وطلبوا مني أن أعمل تورتة خاصة، وفكرت أنني لا بد أن أقدم شيئا مختلفا فقمت بعمل تورتة عبارة عن حجرة أطفال صغيرة بها السرير واحتياجات الطفل بالكامل، وقدمتها وفوجئت برد الفعل الهائل في الحفل وانبهار كل الموجودين بالتورتة المختلفة، ومن يومها بدأت الأفكار تتوالى علي، الأمر الذي جعلني أترك لنفسي لتنفذ ما يأتي على خاطري، فأنا لا أخطط لعمل شيء، وإذا خططت لصنع شيء معين فقد لا أنفذه بحرفية عالية، ولكن أترك ليدي أن تعمل ولفكري أن يفكر، وأنا في
معملي الصغير (أقصد مطبخي) داخل النادي؛ ومن ثم أخرج العمل إلى النور بعد طهيه وإخراجه من الفرن، حتى وصلت أعمالي إلى أكثر من 30 عملا.
وعن أهم أعماله يقول "عبد البر": "على ما أتذكر فقد صنعت مرة ثعبانا من العيش والسكر، وأقفاصا للحيوانات ومركبا والكعبة المشرفة وكوبري إستانلي من معالم الإسكندرية ومكتبة الإسكندرية والجامع ومسجد الأقصى والفانوس والدبابة وغيرها كثير، ويقوم النادي غالبا بعرض هذه الأعمال بشكل دعائي في أي احتفال بجانب البوفيه المفتوح، ودائما ما نجد الضيوف منجذبين إلى العمل، ويقفون بجانبه تاركين الطعام ليشاهدوا ويتأملوا صنع يدي"، ويضيف أعتبر ما أقوم به موهبة من الله سبحانه وتعالى وهواية أحبها وأعشقها لدرجة أنني لا أمل من العمل أبدا، ونادرا ما أحصل على إجازة، حتى إنني لم أفكر في الزواج حتى الآن؛ لأنني لا أخرج من معملي (أقصد مطبخي) بالنادي إلا نادرا، وكل ما أتمناه أن يأتي يوم وأقدم أعمالي في معرض خاص ليراه عدد أكبر من الناس مثلي مثل كل الفنانين التشكيليين، فرغم أنني غير حاصل على مؤهل عالٍ مثلهم فإنني أقدم فنا مثل ما يقدمون هم أيضا، وأعتقد أن الفنون موهبة قبل أن تكون تعليما، وأنا لدي هذه الموهبة، وهي نعمة من الله سبحانه وتعالى.
**صحفي بمجلة أكتوبر المصرية، رئيس تحرير مجلة أمواج سكندرية على الإنترنت.